Guideposts | لافتات إرشادية

يسر مدرار أن تقدم “لافتات إرشادية”، وهو معرض فردي لباسم يسري يبحث في شكل ووظيفة البناءات المرتجلة التي تنتشر من حولنا، والناتجة بدورها عن ثقافة “التلصيم” و “التلفيق” في حل الأزمات بما يواكب التغيرات السريعة التي تشهدها المدينة. ينطلق المعرض مرتكزًا على النمط الإبداعي الفردي الارتجالي (البراجماتي)، والذي يُنتج بدوره النسق الجمالي الدارج الذي يميز الفضاء العام في القاهرة. يعد هذا المعرض امتدادًا لمشروع باسم يسري الذي بدأه منذ عام ٢٠١٦ تحت نفس عنوان هذا المعرض؛ “لافتات إرشادية”، والذي يبحث من خلاله في ماهية ما يطلق عليه “النسق الجمالي المؤسسي”، والذي يتميز بالعشوائية في إيجاد الحلول لشتى المشكلات؛ لاحظه باسم بالأساس في سياق المباني الحكومية، إلا أنه يمتد إلى الفراغ العام ويسوده.

يتسم هذا النسق الجمالي السائد بالفوضى البصرية، ويعتمد في طرق بنائه المؤقتة على التهجين بين عناصر متباينة تُكسب الأشياء المألوفة معانٍ جديدة. ويعكس انتشار ذلك النسق في المدينة فراغًا عميقًا في البنية التحتية. تتيح تلك المساحة إمكانيات لا متناهية واستراتيجيات مبتكرة ومرنة لحل مُختَلَف المشكلات؛ وتعكس وعيًا فريدًا من نوعه بطبيعة الزمن، فهو وعيٌ غير معني سوى بالحاضر المعاش ويغيب عنه اليقين بما يحمله المستقبل. تتناول الأعمال المعروضة لباسم يسري هذه الحالة بطرق مختلفة وتبحث في أشكال التفاعل الاجتماعي الناتجة عنها، ؛ فهو يبني أعماله المركبة كتجسيد ملموس للطرق الفردية والمؤسسية الارتجالية المستخدمة لحل المشكلات المختلفة في سياق الفضاء الحضري، الذي يتسم بدوره بعدم الانتظام وبالتغير الدائم. 

بطابعها الساخر وتوظيفها لوسائط متعددة، تبدو أعمال باسم يسري المُركّبة للوهلة الأولى كخليط غير متجانس من المواد والمجسمات المختلفة؛ إلا أن لكل عمل وظيفة عبثية مستوحاة من البنيان الحضري وأشكال التصميم الارتجالي البراجماتي بالقاهرة. تتشابك أنابيب الصرف الصحي دون تناسق، وتتشعب الأسلاك الكهربائية بعشوائية طاغية في الأعمال، لتتخطى “التصميم الجيد” بمفهومه التقليدي؛ فهي تتعمد خلق حالة من الفوضى البصرية التي تطورت كنتيجة محاولات لتخطي تحديات مادية. تتعمد تلك الأعمال بمبالغاتها إرهاق المشاهد بتفاصيلها، فتسلط الضوء على طبيعة الفضاء العام المستوحاة منه.

من خلال إضافته للافتة لكل عمل تطرح على أفراد الجمهور تعليمات أو أوامر عبثية، يبحث يسري في علاقة السلطة التي تحاول أعماله – في هذا المعرض- أن تمارسها على المتفرج، ويطرح بذلك تساؤلات تتعلق بالتناقض بين متطلبات السلطة المؤسسية وبين طريقتها في تمثيل تلك السلطة بصريًا.

يقام هذا المعرض بالتوازي مع معرض ثنائي لباسم يسري و أحمد بدري، تستضيفه جيبسوم جاليري، بعنوان “كيف تشيد مدينة بمسمارين وسلك”. يقدم المعرض المزيد من أعمال يسري المركبة إلى جانب سلسلة كبيرة من أعمال الرسم والنحت لبدري. يواصل أحمد بدري تأملاته حول الأشياء غير الوظيفية من خلال رسم تصميمات لمنازل تبدو مستحيلة التنفيذ ولكنها موجودة بالفعل. تقدم أعمال بدري مخططات لظاهرة هي بطبيعتها – وللمفارقة – غير مخططة، في إشارة إلى سياسات الإسكان غير الرسمي. يستمر المعرض في جيبسوم من ١٧ فبراير وحتى ٣١ مارس ٢٠٢٢.

تم إنتاج هذا المشروع بمنحة من المورد الثقافي واليدعم التقني المقدم من أضف- المؤسسة العربية للتعبير الرقمي. المعرض من تنظيم مدرار للفن المعاصر بالتعاون مع جاليري جيبسوم. 

 عن الفنان 

باسم يسري مواليد الجزائر ١٩٨٠ (مصري الجنسية)؛ يقيم ويعمل حاليًا بالقاهرة. باسم يسري هو فنان بصري وصانع أفلام بالإضافة إلى عمله في مجال تعليم الفنون. تتراوح ممارساته الفنية بين الأعمال المركبة متعددة الوسائط داخل قاعات العرض، والأعمال الميدانية في المجال العام، وصناعة الأفلام التجريبية والتسجيلية. تتناول أعماله العلاقة بين عناصر الحياة اليومية العادية وبين السياق الاجتماعي والسياسي الأشمل، كما يتناول العلاقة بين المفهوم والشكل الفني وطريقة العرض في سياق كل من المساحات المتحفية والمجال العام. يعتمد باسم في أعماله بمختلف أشكالها على عنصر السخرية كوسيلة لمخاطبة الجماهير بمختلف ثقافاتهم وخلفياتهم.

منذ عام ٢٠٠٧، عرضت أعماله بشكل واسع على المستويين المحلي والدولي. من أبرز المؤسسات الدولية التي عرض فيها باسم يسري أعماله مؤسسة (بوزار) في بروكسل ببلجيكا، ومتحف الصورة المتحركة (مومي) بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، ومركز (بومبيدو) بباريس بفرنسا، ومؤسسة الشارقة للفنون، والمتحف العربي للفن الحديث بالدوحة بقطر، ومعهد العالم العربي بباريس بفرنسا، ومتحف (إي فام) بفالنسيا بإسبانيا، والمتحف المصري بميونخ بألمانيا.

حصل باسم على شهادة الماجستير في الفنون البصرية في كلية (تايلر) للفنون بجامعة (تمبل (بمدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠٠٩، كما حصل على شهادة البكالوريوس في التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان عام ٢٠٠٣. كما حصل على منحة الفنون من هيئة فولبرايت الأمريكية في عام ٢٠٠٦، وحصل على العديد من المنح والزمالات كفنان زائر؛ من أبرزها زمالة كفنان زائر من مؤسسة (رير فيلي) بفيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن مؤسسة بروهيلفسيا السويسرية عام ٢٠١٩، ومن مؤسسة )فيرمونت ستوديو سنتر) بالولايات المتحدة الأمريكية في عامَي ٢٠١٨ و٢٠١٣، ومن مؤسسة (كولتور كونتاكت) بفيينا بالنمسا عام ٢٠١٧، ومن مؤسسة (آرت إيست) بالولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠١٦، ومن مؤسسة الشارقة للفنون بالإمارات عام ٢٠١٦، ومن جامعة ولاية كانساس في ٢٠١١، ومن مؤسسة كالا للفنون بمدينة بيركلي في كاليفورنيا عام ٢٠١٠.

يستضيف مدرار ندوة مصاحبة بين المهندس المعماري والمخطط العمراني عمر نجاتي (CLUSTER) والباحث المدني والمصمم أحمد زعزع (10 طوبة، مد، مجاورة)، تديرها مديرة جيبسوم جاليري لارا الجبالي، يوم الثلاثاء ١ مارس من ٦ إلى ٨ مساءً. سيناقش المتحدثون الآثار المترتبة على النسق الجمالي الدارج التي تستجيب لها الأعمال الفنية  على تجربتنا المعاشة في المدينة.